طبعًا الشيعة في الوطن العربي، شاءوا أم أبوا، سيكون زعيمهم بعد اغتيال حسن نصر الله، عبدالملك الحوثي.. هكذا نرى. وذلك لأن الشيعة يستندون إلى العمى والانقياد كعقيدة وأصل من أصول الدين كما يزعمون أو كما يرون. والحال أن الشيعة في الوطن العربي يواجهون تحديات فكرية وسياسية، وتبدو الآن هذه التحديات أكثر وضوحًا في مسألة القيادة والرمزية السياسية والدينية، خاصة بعد غياب قادة بارزين مثل حسن نصر الله.
في هذا السياق، يمكن للقيادة الشيعية أن تتأثر بعدة عوامل، بما في ذلك النفوذ الإقليمي والقدرة على حشد التأييد الشعبي. فيما يتعلق بعبد الملك الحوثي، فإن صعوده المحتمل كزعيم للشيعة في الوطن العربي يعكس تغييرات جوهرية في الديناميكيات السياسية والدينية في المنطقة. وعلى الرغم من أن الحوثي يعاني من تهميش في الفكر والقيادة على الساحة الدولية، إلا أن النفوذ الإيراني والتحالفات القائمة بين الحوثيين والجماعات الشيعية الأخرى قد تلعب دورًا محوريًا في تعزيز مكانته بعد اغتيال حسن نصر الله.
بالفعل، يعتمد كثير من الشيعة على طاعة القيادات الدينية والولاء لها، بغض النظر عن السمات الشخصية أو الكفاءة القيادية. هذا الميل نحو "العمى والانقياد" الذي نؤكد عليه وإن أنكروه، يجد جذوره في البنية الاجتماعية والثقافية للجماعات الشيعية. في ظل غياب البديل الأكثر اعتدالًا أو مرونة، فإن الحوثي، رغم خطابه المتطرف وتوجهاته الانعزالية، قد يجد نفسه في موقع الزعامة.
لكن علينا ألا ننسى أن هذا السيناريو يعتمد بشكل كبير على الظروف المحيطة، سواء كانت داخلية في المجتمعات الشيعية أو خارجية على الصعيد الإقليمي والدولي. فالسياسات الإيرانية وتوجهات القوى العظمى ستحدد إلى حد كبير من سيكون الزعيم المستقبلي للشيعة، وما إذا كان الحوثي قادرًا على تولي هذا الدور فعلًا. يمكن تلخيص الصعود الذي يتشكل الآن لعبد الملك الحوثي إلى قيادة الشيعة في عدة نقاط:
أولًا، تعتمد الجماعات الشيعية بشكل تقليدي على مفهوم "المرجعية" أو القيادة الدينية التي تقود أتباعها ليس فقط في الأمور الدينية، بل أيضًا في السياسية والاجتماعية. هذه المرجعية، التي كانت في الماضي تحت قيادة أشخاص مثل حسن نصر الله، قد تجد نفسها مضطرة للتوجه نحو الحوثي في حال غياب أي بديل مقبول أو قوي.
ثانيًا، الحوثي يتمتع بدعم مباشر وغير محدود من إيران، وهو ما يعزز من قدرته على تولي القيادة، حيث إن الدعم الإيراني لطالما كان حجر الزاوية في صعود القيادات الشيعية في المنطقة. في ظل هذه الرعاية، من المتوقع أن تجد الجماعات الشيعية صعوبة في رفض قيادته، خاصة إذا استمرت إيران في تعزيز نفوذها في العالم العربي.
ثالثًا، الحالة الراهنة في اليمن تمثل رمزًا للقوة والإصرار في نظر بعض الشيعة، حيث يُنظر إلى الحوثيين كقوة صامدة في مواجهة تحالف دولي كبير. هذا الصمود يعزز من مكانة الحوثي كقائد قادر على قيادة الشيعة في ظروف صعبة، مما يجعله جذابًا للبعض في ظل غياب حسن نصر الله.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الجانب الآخر من القضية، وهو أن الحوثي يمثل أيضًا تيارًا مغلقًا ومتطرفًا قد لا يتناسب مع جميع الجماعات الشيعية، خاصة تلك التي تميل إلى الاعتدال أو التي لها مصالح مختلفة عن التيار الحوثي المتشدد. هذا التباين قد يؤدي إلى انقسامات داخل المجتمعات الشيعية نفسها، حيث قد تسعى بعض الجماعات إلى إيجاد بدائل أكثر اعتدالًا أو توافقًا مع المصالح الإقليمية والدولية.
باختصار، نرى أن صعود عبدالملك الحوثي إلى زعامة الشيعة في العالم العربي بعد اغتيال حسن نصر الله ليس سيناريو مفاجئًا، بل هو نتيجة لتراكم عوامل إقليمية وسياسية واجتماعية داخل المجتمعات الشيعية. ومع ذلك، هذا الصعود لن يكون خاليًا من التحديات، حيث سيحتاج الحوثي إلى إثبات قدرته على توحيد المجتمعات الشيعية المتنوعة، وهو ما قد لا يكون سهلًا في ظل العديد من الانقسامات الحالية.
في النهاية، يظل الوضع مفتوحًا على احتمالات متعددة، والتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة قد تؤثر بشكل كبير في هذه الديناميكيات. ولكن من المؤكد أن ولاء الجماعات الشيعية للقيادات الدينية والسياسية سيستمر، مما يجعل من عبدالملك الحوثي خيارًا محتملًا إذا توفرت الظروف المناسبة.
يعني هنيئًا لإخواننا الشيعة في الوطن العربي شاءوا أم أبوا، كما نرى، سيكون زعيمهم بعد اغتيال حسن نصر الله، عبدالملك الحوثي.