لقي ربه كما يريد شهيدًا ومقاومًا لدولة الإبادات الجماعية وإنكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ذراع الولايات المتحدة في وطننا العربي الذي كان كبيرًا. استشهد وهو يقف مع قضية فلسطين فعلًا وقولًا. حسن نصر الله الشيعي الاثناعشري وقف مع حماس السنية الإخوانية بوفاء قل له نظير وبتضحيات نادرة لقناعته بأن عدو فلسطين هو عدو لبنان وكل العرب.
منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وقف مع المقاومة في غزة، وكان على يقين بأن جنوب لبنان وهو شخصيًا سيدفعان ثمن دعمها.
وبالفعل دمر الكيان السرطاني الكثير في جنوب لبنان، وشرد مليون لبناني، كما فعل في غزة التي جعلها غير قابلة للحياة بدعم أمريكي صريح وبريطاني وغربي مستتر. عندما استشهد نجله هادي لم يذرف الدموع عليه، بل عبر عن افتخاره باستشهاده كمقاوم. في الحروب يظهر أحسن ما فينا وأسوؤه. من أسوئه تشفي قلة باستشهاد نصر الله لأنه يتحالف مع إيران، بينما لا ينتقد هؤلاء تحالف عرب مع العدو الأمريكي، وأنه عرّض جنوب لبنان لعدوان دولة العدوان، وأن سلاحه ليس فعالًا، ولم ينتصر وغاب عن هؤلاء ما تفعله دولة الاحتلال في غزة والضفة والقدس، وعدم نقد إمبراطورية الشر أمريكا على دعمها العسكري والسياسي المطلق لارتكاب أبشع الجرائم في فلسطين ولبنان. يصف الزعيم الفيتنامي هوشي منه أمريكا بأنه "لا يوجد بيت مدمر أو حجر مبعثر أو دولة مهمشة أو اقتصاد مسروق أو أم ثكلى أو ساق مبتورة إلا وتجد للولايات المتحدة فيها دورًا".
خطر إسرائيل وأمريكا يعنينا كلنا، وقبل استشهاد حسن نصر الله قال نتنياهو بأن إسرائيل قادرة على ضرب كل دول منطقة الشرق الأوسط، ولم يستثنِ منها حتى من طبّع معها ومن يفكر بالتطبيع.
وفي الأمم المتحدة كرر مجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، وتضغط المنظومة الاستعمارية الغربية دون محاكمته، لأنها ترى أن المحكمة لغير البيض ما قاله من قبل "لا يوجد مكان في إيران والشرق الأوسط لا تستطيع الذراع الطويلة لإسرائيل الوصول إليه". ذراع الكيان لم تصبح طويلة بدون أمريكا وغيرها من الأعداء.
وزير الدفاع جالانت قال إن "الاغتيال أنهى حسابًا طويلًا مع حزب الله". أما هرتسي هاليفي رئيس الأركان، فقال: "أي شخص يهدد إسرائيل سنعرف كيف نصل إليه". الرئيس الصهيوني بايدن رأى في الاغتيال معيارًا للعدالة الإسرائيلية التي لا تختلف عن العدالة الأمريكية التي قتلت مليون عراقي، ودمرت أفغانستان، وتحتل جزءًا من سوريا، ونقلت سفارتها إلى القدس الغربية المحتلة، واعترفت بالجولان المحتل كجزء من دولة الاحتلال، وتمول الاستيطان الاستعماري، وتحول بإصرار حتى في مجلس الأمن دون تحقيق العدالة لفلسطين.
إسرائيل تقتل وتحاصر غزة وتدمر جنوب لبنان لتحقيق معايير العدالة الصهيوأمريكية بأسلحة أمريكية، آخرها دفعة جديدة بـ7-8 مليارات دولار لتأكيد المؤكد بأن أمريكا شريكة في جرائم قتل كل فلسطيني ولبناني، وفي الحيلولة دون تحقيق سلام عادل للفلسطينيين. دعم أمريكا ليس من الأسرار، بل تعلنه ومنه المشاركة الفعلية في القتال ودعم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بمعلومات عن غزة وجنوب لبنان.
خلط البعض منا بين لحظة تتطلب رص الصفوف وتوظيف الكلمة ضد العدو، وبين أن التعبير في وقت فارق عن الكراهية غير المبررة لحزب الله ولومه على مقاومته والسخرية منه والتقليل من دوره المقاوم. من هؤلاء من استضافت رفاقهم الضاحية بعد عام ٢٠١١، وبجانبهم ظهر فجأة من يسمون أنفسهم العرب الأقحاح الذين انضموا إلى جوقة تسفيه مقاومة حزب الله ودعمه لغزة.
من يقاوم لا يعايَر، لأنه لم ينتصر لأنه يواجه إسرائيل وأمريكا، ولم يعاير أحد عبدالناصر عندما هزم عام ١٩٦٧، لأن إسرائيل لم تكن وحدها التي هزمته. أمريكا جعلت من إسرائيل الأقوى وهي معها قلبًا وقالبًا حتى زوال إمبراطوريتهما.
من عوامل قوة دولة الاحتلال امتلاكها أكبر قاعدة تجسس أرضية للتجسس منها على كل شاردة وواردة في المنطقة لخدمتها هي وحلفاؤها، إضافة إلى أقمارها الاصطناعية التي يعمل منها في الفضاء حاليًا ثلاثة، إضافة إلى قمر اصطناعي عسكري.
نختلف على بعض من شؤوننا الداخلية، لكن العداء للمقاومة اللبنانية، وأحيانًا الفلسطينية يخدم العدو، وبحاجة إلى تفكير، وعلينا ببساطة أن نفرق بين العدو الرئيسي المشترك وخلافاتنا الثانوية المؤقتة.