يحيي شعبنا اليمني العيد الثاني والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد، في ظل ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد والخطورة التي أسهمت في صناعتها كل الأطراف التي حكمت بالغلبة والقوة، واختارت طريق الصراعات والحروب للاستنقاع في الحكم وتحكيم مصالحها وخلق الصراعات القاتلة.
في البدء فرضت الحرب على اليمن من قبل أعداء اليمن منذ فجر السادس والعشرين من سبتمبر ١٩٦٢، وانخرط فيها اليمنيون، ومن ثم زرعوها في أنفسهم ومجتمعهم وتربتهم، بدلًا من الاتجاه للتنمية والبناء والتحديث اتجهوا لامتشاق السلاح والتكسب بالحروب والانشغال بما هو تافه وعقيم.
اهتم النظامان في الشمال والجنوب بالعسكرة والصراع أكثر.
حققت الثورة اليمنية (سبتمبر ١٩٦٢وأكتوبر ١٩٦٣) إنجازات طيبة في مجالات عديدة، وبالأخص تجربة الرابع عشر من أكتوبر، في محو الأمية، وفي مجال العدالة والمساواة وسن قانون الأسرة الذي يكفل المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وحققت صنعاء الانتصار في حصار صنعاء في السبعين يومًا، وفي الإنجازات الرائعة للتعاونيات أيام الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، ولكن صراع أبناء الثورتين (سبتمبر وأكتوبر) والولاء للسعودية ولأمريكا، والعجز عن بناء الدولة الوطنية الديمقراطية والوحدة والحفاظ عليها، هي الحالة الفاجعة التي وصل إليها شعبنا.
يراهن أعداء شعبنا وأعداء ثورته الوطنية (سبتمبر وأكتوبر) على استمرار الاحتراب والصراع والعداء بين الشمال والجنوب وداخل كل شطر على حدة، ويراهن أبناء وأحفاد سبتمبر وأكتوبر والوحدة اليمنية وثوار وثائرات الربيع العربي، على الخلاص من تجار الحروب ومليشيات التفكك وحكم الغلبة والقهر. لقد جرب شعبنا كثيرًا خيبة الارتهان للخارج وللصراع الدولي والإقليمي، وجرب أكثر دعاوى الحق الإلهي أو التمكين. وحقًا فإن الشعب الذي صنع مجد الاستقلال، وطوح بالإمامة الكهنوتية، وحقق الوحدة اليمنية، وانتصر للثورة والجمهورية، وأسقط حكم الفساد والاستبداد الصالحي، قادر على تحدي الحالة البائسة وحكم الغلبة واللاهوت.