صنعاء 19C امطار خفيفة

مارجري رانسوم: قلادة ومرجان

2024-07-22
مارجري رانسوم: قلادة ومرجان
مارجري رانسوم( الصورة من إرشيف الكاتبة)

حتى اليوم وأنا بعيدة عن باب اليمن وباب الكبير، والسوق القديم في صعدة، مازلتُ أشتم رائحة الفضة، خصوصًا عندما تكون بلونها الداكن البعيد عن المنظفات حتى تكسوها اللمعة.

 

يبدو عندما تفقد جزءًا حميميًا منك، أردية الفضة التي كانت تلازمني طول يومي، ترتد إلى الذاكرة والأحلام، ولا بأس من الصور الفوتوغرافية، أعتقد -إن لم أكن جازمة- أن للفضة عيونًا وروحًا، وخصوصًا عندما تطعَّم بالمرجان والياقوت.

 
ولذا، عندما رأيت صورة مارجري رانسوم، في ألبوم مخفي من 2008، عبقت روحي بتلك الرائحة، رائحة الفضة التي لا يحسها إلا من ارتداها، وكانت جزءًا من روحه وحياته أيضًا.
مارجري رانسوم،2008

 

وحيثما توجد نساء، توجد الفضة، ولا بأس من عود حناء وخيط بخور وريحان، ونساء اليمن ومارجري رانسوم إحدى هذه العلامات.
بين حين وآخر كانت مارجري تزور متحف بيت الموروث الشعبي -التنوع والاختلاف (الذي كان وانتهى)، تدلف السلم الضيق، وتبشر بها قشقشة قلادتها البوسانية والأساور.
 
تراها مرتدية الزي الشعبي، والخواتم، تحدثني أن ذلك القرط الذي ترتديه، اقتنته من الحاج علي الكبوس، في باب اليمن بصنعاء القديمة، وأن العقد الذي يطوق عنقها، اقتنته من الزيدية في تهامة، وتحدثك بعمق عن الصاغة: هارون البوساني ويحيى بديهي وغيرهما، وكتابها عن " كنوز الفضة من أرض سبأ"، يمور بذلك العالم الحالي والحاني للفضة اليمنية، خصوصًا عالم النساء اللواتي كن بهجة الحياة، عندما كانت وجوههن ساطعة كالشمس والضوء والكون، بمعنى قبل المنع والتجريم للوجوه والأجساد، و"الغلمقة" القاتلة للنساء والفضة والياقوت والمرجان.
 
آخر مرة، زارتني كانت في أمريكا، عندما كنت في زيارة منحة الزائر الدولي، 2008، عرفتني على متحف السمبيوثيان -حسبما أذكر- وبعض المعالم، ثم زرتها في بيتها، الذي كانت تعبق منه رائحة اليمن: الفضة.
 
وعرفت بعد ذلك، من خلال الدكتور محمد جرهوم، أنها تبرعت بالمقتنيات التي جمعتها هي وزوجها ديفيد -على روحه السلام- في ستينيات القرن العشرين، لمتحف الآثار الأنثروبولوجي بجامعة إنديانا، حتى تكون تلك الكنوز السبئية مرجعًا خصبًا للباحثين والطلاب المهتمين بتراث المصوغات الفضية في اليمن، بحسب العديد من المواقع.
 
مازلت حتى اليوم، وأنا عارية من فضتي التي ظللت أقتنيها منذ عمر الخامسة عشرة، ومن مصروفي المدرسي، وكان آنذاك باب الكبير بتعز، إحدى وجهاتي لشراء الفضة والتزين بها.
 
أقول، اليوم وبالأمس، إذا رأيت مصوغة فضية، سرعان ما تقترن باثنين جميلين: يهودنا الجميليين كأحد أهم من جملوا اليمن ونساءه بالفضة والنقش، البوسانيين والبديحيين، ومارجري رانسوم.
 
فسلامًا عليك مارجري.
وسلامًا على ملوك الفضة والجمال والبهجة الأنيسة، النساء ويهود اليمن الذين كان بهم الوجود جميلًا.
 
ملحوظة:
بلغني من صديقة عزيزة، أن العزيزة مارجري وهي بعمر السادسة والثمانيين، تعكف حاليآ على إنجاز الجزء الثاني من كتاب "كنوز الفضة من أرض سبأ"، اطال الله عمرها.
IMG-20240723-WA0001.jpg

 

 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً