صنعاء 19C امطار خفيفة

الوطن في السماء

2024-06-26
الوطن في السماء
السماء تعلو السُحب- لاكسيكا
كان أستاذ التاريخ خاويًا بلا حياة أو موت، وهو يقول -بابتذال بعيد عن الجحود- إنه لا يعرف عن الوطن سوى أنه من ابتاع لنا أثواب اللاشيء الفضفاضة التي نكتسيها.
 
أبٌ شحيح، تعمد اتساعها حتى لا تضيق على حناجرنا فتتمزق عندما نكبر، عندما تتخمنا الحياة بكلمة "لا" وننتفخ!
لكن الليلة، بدا كتاب التاريخ حيًّا جدًا وهو يثقل بعبارات لم تُدوّن. أشدها رعبًا تلك التي قالت إنّ الوطن شعور لا مناص منه، هيا كُفَّ عن أذنيك صوتك إن كنت تقدر!
أخرى قالت هاك يدًا لا تسرق اللقمة، تُرخي كفك عن فمك، تقتلع ذاك اللجام.
 
تصرخ أن مزق النعل الأنيق، سر حافيًا بين السطور، اشتهِ الأشواك لتشعر.. اشعر؛ ذاك أضعف الإيمان.
وأخرى أرتني فردة الحذاء الناجية على أشلاء الصف الثاني عشر، بقايا الجدران الملطخة بالصراخ، مستوصف المدينة الفارغ، الأحلام التي تعبئ فضاء الشوارع، والموت المستلقي على الأرصفة.
تلك تحديدًا لدغتني بالانتفاضة، أشعلت ما كان يومًا ضوءًا وانطفأ.
ولدت لهيبًا فاتنًا، أحالنا -أنا وجمعي الغفير من الرغبات والكلمات الغاضبة والخيبات- إلى سرب فراش مفتتن عليه أن ينتهي، ليكون قربانًا آخر، ليخلد لهيب الحب.
في شريعة الحياة الخلود للحب، الحب للوطن، النجاة للأحلام، والمجد لمن سكب في الوطن والأحلام ضوءه فَفُنِي.
المجد المجد لِمن فُني.
ولأجل ذلك، علينا الولوج إلى أذن العالم المسدود، كما ينبغي للهرج أن يفعل!
أنا وجمعي الغفير من الرغبات والكلمات الغاضبة والخيبات، عدلنا عن النأي، خلعنا أثوابنا وتقدمنا باليسار -كما يفعل المرء عندما يغادر أمانه- لنصل إلى عتبة الوجود، لنسقط.
لم نتمكن من الموت وقتما استلقينا في الكواليس، لأنه لا بد من السقوط!
لا بد أن يلذعنا طعم الثورة الخمري حتى نحظى بسقوط معتبر نظفر معه بأن نكون عددًا في شريط الأخبار العاجلة لبضع دقائق، يعتلينا فيها لقب جثة، ويا للترف! بعد الفرار من منفى اللامرئيات.
نصعد على المسرح العاري عن الجمهور لأجل أن تكتمل المسرحية وينتهي كل شيء، فقط لأجل أن ننتهي!
بائسون جدًا كوجه المدفع، ظالمون مظلومون تمامًا كالرصاصة!

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً