صنعاء 19C امطار خفيفة

بين يدي أبي العلاء

مدخل:

أتيناك يا سيد القول والحكم، فأنت أبرز حكماء عصرك، زدنا من القول قولًا به نجتاز مخاض الطريق.
أبا العلاء، سأقول لكم ما قلت من زمان.. أولو الفضل في أوطانهم غرباء
وما العمل؟ تلك قضيتكم، فأنتم أدرى بالشعاب!
أتيناك نشكو جور الزمان حكامًا وأحزابًا
قليل من الإفصاح نرجوك عفوًا فقد بلانا الزمان بما كان أسوأ مما رأت عيناك، بل قل
بما هو أفظع وألعن
يا سيد القول رحماك مهلًا... حتى لا يصبح أمرنا هدمة تتجاذبها الرياح... لنا مطلب أن تكون حكم أبي العلاء دليل عمل لنا... ماذا عساني أقول لكم؟ لكم عقلكم... زمانكم نخرته سوس البلادة عبء سقوط القيم، ابحثوا عن منبع الحكمة، لكم عقلكم مشيرًا أمينًا في ثانية، وإن فهمناك ولطفًا بنا
بتاتًا لو نود العودة خالي الوفاض من لدنك كمن مسهم ضرر، ولا نريد العودة كذاك الذي استجار من الرمضاء بالنار فأضاع السبيل... أضاع الطريق... يا لهذا الخطل!
أرى في أمركم ثمة خللًا، بل قل مصيبة أمرًا جللًا... ومصيبتكم ورب العزة أقسى من مصيبة غزة لما خذلتها بالميدان حكام فرسان عربان وأعراب هذا الزمن... زمن التلهي والكذب... بالقيم
نعم نعم... يا سيد القول والحكم... هو ذاك أمرنا لدينا مشاكل جمة، فمن تربع على كرسي الإمارة ما عاد يدرك معنى القيم، لهم جوقة مولوها تعزف موالها المنفرد... وحاشية بدواوين الإمارة همها إفساد الرعية وشراء الذمم...
لهم حيل في حربهم ما
اهتدت لها جديس ولا
ساست بها الملك جرهم
نعم نعم يا سيد القول
 أصبت القول هم هكذا
 فغزة تذبح من الوريد إلى الوريد... تناضل تقاوم.. تأتي بالمعجزات أمام انشطار عولمي لم نشاهده من قبل، والعرب الأعراب حكامًا سلاطين، ومن تأسلم قبلهم وبعدهم يعزون غزة ليل نهار، يعزون فلسطين كذبًا يكثرون الأحاديث عن لقاءات، عن عقد القمم
عاقرة لا تقدم لا تؤخر
تبكي بباب غزة كما بكى السابقون قرطبة المجد كان تاريخًا ومر
أبا العلاء، نحن الشعوب، أفرادًا وجماعات ومكونات، تفرقت بنا السبل، طحنتنا المشاكل، أغرقنا الحكام بسيركهم وأدواتهم البهلوانية، يريدون إضحاكنا، ولكن الحق نقول لك... هم يضحكون علينا وعلى أنفسهم، إذ نحن غير مقتنعين بهم ولا بلهوهم ولا بالأدوات التي بها يلعبون، أو كما يدعون يسيّرون بها شؤون البلاد. إنهم يكذبون يلهون يبيعون لنا أوهامًا وعودًا، وعلى الأرض لا شيء يتحقق، ونحن كشعب قد شب عن الطوق، عن ألاعيب النخب، بخاصة تلك الفيالق التي تسمي نفسها أحزاب النخب والأحزاب التاريخية العتيقة التي كانت وماتزال جزءًا من سلطة الدولة واقتسام الغنائم
ونحن بحضرتك يا أبا العلاء، وقد أتيناك قصدًا وعمدًا نطلب الشور المشورة بعد أن أعيتنا الحيل... أتيناك و قد استعنا ببعض أبيات من لدنك، كنت تقولها أيامك الخاليات، علهم حين سماعها يرعوون، وأهديناها لثلة الحكام وجوقتهم من ثلة الأحزاب ومن جاملهم وعبرهم استفاد وانتفع... سنقرأ عليهم أبيات حكمتك التي قلتها وكنت محقًا فيها، ونكررها على مسامعهم، والتي قلت فيها:
من باعني بحياتي ميتة سرحا
بعته وأهان الله من ندما
يا أبا العلاء، والله ما أتيناك إلا وقد بلغ السيل الزبى، وطفح الكيل، وأعيتنا الحيل، فلا سميع ولا مجيب لما نقول ولما منه نشكو ممن عليهم لنا حق الرد آجلًا أم عاجلًا على كل فعل فاسد بات يحرق القلب، يمزق البلد، يهدر الثروات، يعدم الأمن، يقوض أساس الحياة الكريمة والانتماء الوطني، فقد بات المواطن يا أبا العلاء غريبًا في وطنه، وصار الخوف والعوز مثواه، وصار الجاه البذخ عناوين من للبلد ولثروته ينهبون.. أمورنا تسودها وتحكمها متناقضات، بل كوارث تعصف بالبلاد.
ماذا نقول لك؟ ومم نتظلم ونشكو؟ نبحث عبر حكمتك عن مخرج كريم... أقول لكم هي حالة عامة عمت كل الأمصار التي كانت تطلق سابقًا على البلدان، والآن صارت فعلًا على ما بات شبيهًا بخرق هدم ممزقة الأوصال مجتمعيًا، وباتت حاشية الحكام والالزام حبيسي مواقع التوهان، باتوا أسيري من بيديه الأمر. نعم هم يلبسون ماركات يصرحون فلا جمارك على كلمات هذيان، وعلى أي شيء يأتي يتأسس من تمويل الشيطان، إن كان فهمك مطابقًا لما نراه، فما عساك تقول، وبم تنصح يا سيد القول والبرهان؟ يا للهول ماذا أقول لكم، سأعيد ما قلته من زمان، أنصتوا جيدًا لما قلته منذ زمن:
يرتجي الناس أن
يقوم إمام
ناطق في
الكتيبة الخرساء
كذب الظن لا إمام سوى العقل مشيرًا
في صبحه والمساء
فهمنا ورب الجلالة ما ذهبت إليه يا أبي العلاء
أبو العلاء هنا يريد أن يستنهض فينا الههم التي قبلت الصمت، يريد أن يستنهض القوى الحية الصامتة التي خذلتها الأحزاب والتكوينات الممولة لإنجاز مشاريع لا صلة لها بحياة الناس والبلاد. إنها دعوة صريحة لكسر حالة الصمت والاغتراب، والكف عن حالة اللامبالاة.
إنها لحظة دق جرسها المعلم أبو العلاء مازال بالوقت متسع، وإن غدًا لناظره قريب.
وهل تصل رسالة أبي العلاء سيد الحكمة والقول المبين، إلى من يهمهم الأمر؟!
إنه كان مازال أفصح من قائل يقول ضاهى الزمان قوة ومتانة ومكانة، وهو الكان رهين المحبسين، لكنه كان سيد العلم والعارفين.
لك الزمان يرفع الرايات يا أبا العلاء يا سيد الخافقين.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً